قصة يونان النبى من أحب القصص لدينا فى كتابنا المقدس. كما أننا فى سفر يونان نجد أقدم إشارة له فى قانون الإيمان عندما
نقول: "قام فى اليوم الثالث كما فى الكتب" (مت 40:12). أما صوم الثلاثة أيام فله محبة عجيبة من شعب كنيستنا المقدسة. ولذا نود أن نصحبك فى رحلة شيقة لتتمتع بالترابط الثلاثى المدهش فى أحداث السفر وشخصياته وملامحه، التى كلها تشير إلى أيام القبر الثلاثة وإلى إيماننا القويم بالثالوث القدوس. وهيا بنا نتابع الرحلة التى أرسلها لنا الأب الحبيب القس ثاؤفيليس نسيم كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بدمنهور.
أولاً: ثلاثة أسماء لأشخاص1- يونان : كلمة عربية، وبالعبرية "يونا" وتعنى "حمامة" وهو شخصية حقيقة كما هو واضح من سفر الملوك الثانى (2مل 25:14) عاش فى القرن الثامن قبل الميلاد فى بلدة "جت حافر" وتعنى حفرة أو بئر.
2- أمتاى : اسم عبرى معناه حقيقى وهو والد يونان النبى.
3- زبولون : وهو اسم عبرى معناه "سكن أو إقامة" (تك 30) وهو الإبن السادس ليعقوب من ليئة وهو السبط الذى ينتمى إليه يونان النبى.
ثانياً: ثلاثة أسماء لمدن
1- نينوى : عاصمة مملكة آشور (الموصل بالعراق حالياً) على الضفة الشرقية لنهر دجلة، على بعد 800 ك.م شمال شرق إسرائيل وكان أهلها يعبدون الآلهة عشتاروت... وقد نهبوا ممالك أخرى لأنهم اعتقدوا أن العالم كله هو عبد لنينوى يمدها بكل ما تحتاجه.
2- يافا : اسم كنعانى معناه "جمال" وهى ميناء يقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وقد ركب منها يونان السفينة قاصداً الهروب.
3- ترشيش : وهو اسم فنيقى معناه "معمل للتكرير" مدينة فى جنوب أسبانيا قرب جبل طارق، وقد كانت غنية بالثروة المعدنية.
ثالثاً: ثلاثية العظمة فى مدينة نينوى
1- كانت عظيمة جداً فى قصورها وشوارعها وهياكلها وأسوارها وكذلك مكتبتها العظيمة.
2- كانت عظيمة جداً فى شرها وفسادها حتى سماها ناحوم النبى "مدينة الدمار، ملآنة كذباً وخطفاً" (نا 1:3).
2- صارت عظيمة جداً فى توبتها الرائعة، الشاملة، إذ صارت مثالاً قوياً على توبة شعب بأكمله، دفعة واحدة.
رابعاً: ثلاثية الطبيعة الخاضعة (النصف الأول من السفر)
1- أرسل الرب ريحاً شديداً إلى البحر، فحدث نوء عظيم (يون 4:1).
2- أعد الرب حوتاً عظيماً، ليبتلع يونان (يون 17:1).
3- أمر الرب الحوت، فقذف يونان إلى الشاطئ (يون 10:2).
خامساً: ثلاثية الخليقة الخاضعة (النصف الثانى من السفر)
1- أعد الرب الإله يقطينة لترتفع فوق يونان كظل له (يون 6:4).
2- أعد الرب دودة لتضرب اليقطينة وتنشف عند الفجر (يون 7:4).
3- أعد الرب ريحاً فضربت الشمس بقوة على رأس يونان (يون 8:4).
سادساً: ثلاثية النزول فى حياة النبى الهارب
1- نزل إلى يافا، حيث وجد السفينة الذاهبة إلى ترشيش ودفع أجرتها.
2- ونزل قاصداً ترشيش فى الإتجاه العكسى لمدينة نينوى، هارباً من وجه الرب.
3- نزل إلى جوف السفينة وأضطجع ونام نوماً ثقيلاً فى قاعها. كل هذا تقرأ عنه فى (يون 53:1).
سابعاً: ثلاثية الصعود فى حياة نينوى
1- آمن أهل نينوى بالله لسبب كرازة يونان وهذا يمثل أنجح إرسالية كرازية على الإطلاق فى التاريخ البشرى.
2- نادوا بصوم وهو سلاح التوبة وأقوى تدريب للإرادة... وكما يقول الآباء إذا أردت أن تبدأ جهادك فأبدأ بالصوم.
3- لبسوا مسوحاً من كبيرهم إلى صغيرهم. وكان هذا تعبير عن السلوك العملى اللائق بالتوبة. كل هذا تقرأ عنه فى (يون 5:3).
ثامناً: ثلاثية الأسماء التى تطلق على السفر
1- سفر الرجاء : فهناك باباً مفتوحاً لكل إنسان ولكل أمه أن تعود وتؤمن.
2- سفر الفداء : إذ الله يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون.
3- سفر الاعتناء : إذ يد الله تعتنى بكل أحد بداءاً من بحارة السفينة وركابها ثم شعب نينوى من صغيرهم إلى كبيرهم وأخيراً بيونان نفسه النبى الهارب.
تاسعاً: ثلاثية الهدف الروحى فى صوم يونان
1- تنقية القلب : إذ أن الصوم لتنقية القلب من كل المفاسد والشرور التى لحقت به عبر الأيام الماضية: وإذا ينادى إلهنا قائلاً: "يا أبنى أعطنى قلبك ولتلاحظ عيناك طرقى" (أم 23) فيجيب الإنسان "قلباً نقياً أخلق فىّ يا الله وروحاً مستقيماً جدده فى أحشائى" (مز 10:51).
2- تدريب الحواس : الصوم فرصة لنزع التواء الفم وإنحراف الشفتين والبعد بأرجلنـا عـن طريق الشر... ومحاولة إمتلاك عيون بسيطة حتى يصير كل الجسد نيراً (أم 24:4-27).
3- تقديس الإرادة : الإرادة المقدسة هى الهدف الأول من وراء تدريب الصوم وبهذه الإرادة يستطيع الإنسان الذى قال للطعام "لا" أن يقول "لا" للخطية التى تحاربه.
عاشراً: ثلاثية عينات التائبين:
1- التوبة الجماهيرية : وهى توبة شعب بأكمله، كما صنع أهل نينوى، وهذا يرمز لتوبة شعب أى كنيسة.
2- التوبة الجماعية : وهى توبة مجموعة مثلما صنع بحارة السفينة وركابها، وهذا يرمز لتوبة أى أسرة أو جماعة بأفرادها.
3- التوبــــــــــة الفرديـــــــة :
وهى توبة فرد بعينـه مثلما أجتـاز يونـان النبى هذا الإختبـار وبالتالى فهـو يرمـز لكل إنسان يتـوب ويعـود من طريق الإنحراف. أليس هذا عجيباً أن نجد كل هذه الثلاثيات فى قصة واحدة وردت فى سفر واحد فى العهد القديم. أنها بالضرورة إشارة خفية لعظمة الرقم (3) الذى هو إيماننا بالثالوث الأقدس.